(مؤشر الأحساس)
تمر القصيدة بمراحل كثيرة....حتي تظهر بشكلها المألوف....قديما كان إنتاج القصائد يدويا....لذلك كان الإنتاج قليل ولكن بجودة عالية....أما الآن ما عليك الا أن تجمع الحروف في وعاء ثم تضعهم بتلك المكنة العجيبة.....التي تخرج الآف القصائد يوميا....تكفي الإستهلاك المحلي بل وهناك فائض للتصدير....حصل ذلك الشاب علي براءة اختراع من لجنة صناعة الشعر ....حيث أخترع مكنة يمكنها صناعة قصائد متعددة في آن واحد ....طلبت اللجنة من الشاب تشغيل المكنة مع شرح طريقة عملها....قال الشاب أن المكنة لا تعمل الا إذا وضع فيها ثماني وعشرون حرفا....ثم يتم ضغط زر الشعر أو القصة أو الرواية.....فاذا ما تم إختيار زر الشعر ....تطلب منك المكنة تحديد نوع الشعر في اختيارات متتالية تظهر أمامك علي شاشة التشغيل....ثم تطلب منك تحديد عدد الأبيات المراد صناعتها....بعد إعطاء الأوامر سالفة الذكر تدور المكنة لمدة خمس دقائق فقط....ليخرج من الناحية الأخرى ورقة بها أبيات للشعر ....وفقا لمعطيات الإدخال تصنع المكنة الشكل النهائى للمنتج....بعد تجربة تشغيل الآلة أمام اللجنة صفق الجميع إلا هي....قالت يافتى وماذا عن الإحساس .....هل تستطيع مكنتك مزج الإحساس بمقدار معين على المنتج؟ بلى سيدتي تستطيع.....إنظري هذا هو مؤشر الأحساس.....قالت إنتظر دعني أجرب ....فألقت بحروفها في المكنة....ثم ضغطت زر القصة وأختارت رومانسي.....فأمسكت بالمؤشر رفعته إلي أقصي درجة ....حزرتها من ذلك ....أخبرتها أن تعود بالمؤشر للخلف قليلًا ....بدأت المكنة في الدوران ....بسرعة كبيرة....إنبعثت منها حرارة عالية ....تتزايد سرعتها....لم تتوقف بعد الخمس دقائق المحددة لها. ...كل من حولي أصابهم الذعر بعد أن اخبرتهم أن لا أستطيع إيقاف المكنة وربما تنفجر في أي لحظة....هرول الجميع من حولي الا هي....سيدتي يجب أن تخرجي من هنا الآن ....ستنفجر المكنه في اي لحظة ....قالت لا ....وظلت تنظر الي عيناي ....وكلما أحدقت النظر تتزايد سرعة الآله....أخبرتها أن تشيح بنظرها عني .....قالت لا.....وكلما اقتربت منى تتزايد السرعه تتزايد درجة الحرارة والتي جعلتني اتصبب عرقا....أيقنت حينها أننا سنموت معاً ....فالإنفجار اصبح علي وشك....وكأنها هي أيقنت ذلك أيضا ....إقتربت مني حتي تلاحمت عيناها بعيناي.....فأمسكت يدها بكلتا يداي .... أغمضت عيناها....فتوقفت المكنة ....لتخرج من الناحية الأخري ورقة عنوانها "قصة قصيرة"
" مؤشر الاحساس"
...محمد عيسي...